نبذة النيل والفرات:

نبذة النيل والفرات:
يحتل مخطوط "تاريخ الحكماء" للشهرزوري، موقعاً خاصاً ومهماً بين سلسلة من سبقه من المصنفات لأنه نحا منحىً جديداً من حيث طريقة تقديم الأعلام وبإيجاز ودون إطناب ومدح ممل مع تجنب تكرار القصص المعروفة التي اعتاد نقلها غيره عمن سبقه حتى أصبحت هذه القصص شائعة، كما أنه يشير إلى الكتب التي استقى منها معلوماته فيقول في كثير من المواضع كتاب ابن النديم أو كتاب أبي معشر أو يشير إلى اسم المؤلف كابن سينا أو ابن الهيثم أو غيرهما.

وإذا ما عدنا لمضمون هذا المخطوط نجد أن مؤلفه قد بدأه بذكر الأسباب التي دفعته إلى تأليفه، فيذكر أن هدفه منه هو "تقديم التواريخ المفصلة ومقدمة وكلاماً في حقيقة الحكمة والفلسفة وأحوال الحكمة"، ثم يورد كلام بعض الحكماء في معنى الحكمة من أقوال سقراط وأفلاطون وغيرهما.

وبعد هذه المقدمة يورد فصلاً في ابتداء أحوال الفلسفة وزمن ظهورها وأوائل من تكلم بالحكمة، وفي الفصول التي تليه يقدم الحكماء واحداً بترتيب زمني بدءاً بآدم عليه السلام وبعض الأنبياء ثم الحكماء الإغريق واليونانيين ثم من تكلم بالحكمة بعد ظهور الإسلام إلى عصر المؤلف، ولكل علم يورد كلامه المأثور والحكم المنقولة عنه والأقوال والمواعظ المنسوبة له تحت باب "آداب ومواعظ".. ويقدم بعض نوادر أو قصص المعرف بهم والتي تستحق الذكر.

وإذا ما تناول بعض الأعلام وتراجمهم نجد أنه يورد الاسم الكامل ويشمل اسم أبيه وشهرته وكنيته ونسبته ويذكر نوع تخصصه في مجال العلوم أو الآداب كما عرف بأسماء شيوخه أو تلاميذه ممن أخذ عنهم، وتتلمذ عليهم ويشير إلى تصانيفه أو المشهور منها ويثبت أسماء المصادر التي استقى منها هذه المعلومات.

ونلاحظ أنه لا يتبع خطأ معيناً مع كل علم فيما ذكر وربما كان ذلك لعدم توافر المعلومات الكاملة عنه مثل تواريخ المولد والوفاة وتصانيفه بالشكل الذي نجده في فهرست ابن النديم. وما ندركه بعد قراءة الكتاب أن المؤلف قد وضع في ذهنه جمع الكلام المأثور المشاهير الحكماء في هذا الموضوع.