موافقة الشريعة لمناهج الفلسفة
وليس يلزم من أنه إن غوى غاو بالنظر فيها، وزل زال، إما من قبل نقص
فطرته، وإما من قبل سوء ترتيب نظره فيها، أو من قبل غلبة شهواته عليه، أو
أنه لم يجد معلماً يرشده إلى فهم ما فيها، أو من قبل اجتماع هذه الأسباب
فيه، أو أكثر من واحد منها، أن نمنعها عن الذي هو أهل للنظر فيها. فإن هذا
النحو من الضرر الداخل من قبلها هو شيء لحقها بالعرض لا بالذات. وليس يجب
فيما كان نافعاً بطباعه بذاته أن يترك، لمكان مضرة موجودة فيه بالعرض.
ولذلك قال عليه السلام للذي أمره بسقي العسل أخاه لإسهال كأن به، فتزايد
الإسهال به لمّا سقاه العسل، وشكا ذلك إليه: ((صدق الله وكذب بطن أخيك))،
بل نقول إن مثل من منع النظر في كتب الحكمة من هو أهل لها، من أجل أن قوماً
من أراذل الناس قد يظن بهم أنهم ضلوا من قبل نظرهم فيها، مثل من منع
العطشان شرب الماء البارد العذب حتى مات من العطش، لأن قوماً غرقوا به
فماتوا. فإن الموت عن الماء بالغرق أمر عارض، وعن العطش أمر ذاتي وضروري.
وهذا الذي عرض لهذه الصنعة هو شيء عارض لسائر الصنائع. فكم من فقيه كان
الفقه سبباً لقلة تورعه وخوضه في الدنيا، بل أكثر الفقهاء كذلك نجدهم
وصناعهم إنما تقتضي بالذات الفضيلة العملية. فإذاً لا يبعد أن يعرض في
الصناعة التي تقتضي الفضيلة العلمية ما عرض في الصناعة التي تقتضي الفضيلة
العملية.
وإذا تقرر هذا كله، وكنا نعتقد معشر المسلمين أن شريعتنا هذه الإلهية
حق، وأنها التي نبهت على هذه السعادة، ودعت إليها، التي هي المعرفة بالله
عز وجل وبمخلوقاته، فإن ذلك متقرر عند كل مسلم من الطريق الذي اقتضته جبلته
وطبيعته من التصديق. وذلك أن طباع الناس متفاضلة في التصديق: فمنهم من
يصدق (بالبرهان)، ومنهم من يصدق، (بالأقاويل الجدلية) تصديق صاحب البرهان
بالبرهان، إذ ليس في طباعه أكثر من ذلك، ومنهم يصدق (بالأقاويل الخطابية)،
كتصديق صاحب البرهان بالأقاويل البرهانية.
وذلك أنه لما كانت شريعتنا هذه الإلهية قد دعت الناس من هذه الطرق
الثلاث، عم التصديق بها كل إنسان، إلا من جحدها كناداً بلسانه، أو لم تتقرر
عنده طرق الدعاء فيها إلى الله تعالى لإغفاله ذلك من نفسه. ولذلك خص عليه
السلام بالبعث إلى الأحمر والأسود، أعني لتضمن شريعته طرق الدعاء إلى الله
تعالى. وذلك صريح في قوله تعالى: ((ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة
الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن)).
وإذا كانت هذه الشريعة، حقاً وداعية إلى النظر المؤدي إلى معرفة الحق
فإنّا، معشر المسلمين، نعلم على القطع أنه لا يؤدي النظر البرهاني إلى
مخالفة ما ورد به الشرع. فإن الحق لا يضاد الحق، بل يوافقه ويشهد له. وإذا
كان هذا هكذا، فإن أدى النظر البرهاني إلى نحو ما من المعرفة بموجود ما،
فلا يخلو ذلك الموجود أن يكون قد سكت عنه في الشرع أو عرف به. فإن كان مما
قد سكت عنه فلا تعارض هنالك، هو بمنزلة ما سكت عنه من الأحكام، فاستنبطها
الفقيه بالقياس الشرعي. وإن كانت الشريعة نطقت به، فلا يخلو ظاهر النطق أن
يكون موافقاً لما أدى إليه البرهان فيه أو مخالفاً. فإن كان موافقاً، فلا
قول هنالك. وإن كان مخالفاً، طلب هنالك تأويله. ومعنى التأويل هو إخراج
دلالة اللفظ من الدلالة الحقيقية إلى الدلالة المجازة من غير أن يخل في ذلك
بعادة لسان العرب في التجوز من تسمية الشيء بشبيهه أو بسببه أو لاحقه أو
مقارنه أو غير ذلك من الأشياء التي عددت، في تعريف أصناف الكلام المجازي.
وليس يلزم من أنه إن غوى غاو بالنظر فيها، وزل زال، إما من قبل نقص
فطرته، وإما من قبل سوء ترتيب نظره فيها، أو من قبل غلبة شهواته عليه، أو
أنه لم يجد معلماً يرشده إلى فهم ما فيها، أو من قبل اجتماع هذه الأسباب
فيه، أو أكثر من واحد منها، أن نمنعها عن الذي هو أهل للنظر فيها. فإن هذا
النحو من الضرر الداخل من قبلها هو شيء لحقها بالعرض لا بالذات. وليس يجب
فيما كان نافعاً بطباعه بذاته أن يترك، لمكان مضرة موجودة فيه بالعرض.
ولذلك قال عليه السلام للذي أمره بسقي العسل أخاه لإسهال كأن به، فتزايد
الإسهال به لمّا سقاه العسل، وشكا ذلك إليه: ((صدق الله وكذب بطن أخيك))،
بل نقول إن مثل من منع النظر في كتب الحكمة من هو أهل لها، من أجل أن قوماً
من أراذل الناس قد يظن بهم أنهم ضلوا من قبل نظرهم فيها، مثل من منع
العطشان شرب الماء البارد العذب حتى مات من العطش، لأن قوماً غرقوا به
فماتوا. فإن الموت عن الماء بالغرق أمر عارض، وعن العطش أمر ذاتي وضروري.
وهذا الذي عرض لهذه الصنعة هو شيء عارض لسائر الصنائع. فكم من فقيه كان
الفقه سبباً لقلة تورعه وخوضه في الدنيا، بل أكثر الفقهاء كذلك نجدهم
وصناعهم إنما تقتضي بالذات الفضيلة العملية. فإذاً لا يبعد أن يعرض في
الصناعة التي تقتضي الفضيلة العلمية ما عرض في الصناعة التي تقتضي الفضيلة
العملية.
وإذا تقرر هذا كله، وكنا نعتقد معشر المسلمين أن شريعتنا هذه الإلهية
حق، وأنها التي نبهت على هذه السعادة، ودعت إليها، التي هي المعرفة بالله
عز وجل وبمخلوقاته، فإن ذلك متقرر عند كل مسلم من الطريق الذي اقتضته جبلته
وطبيعته من التصديق. وذلك أن طباع الناس متفاضلة في التصديق: فمنهم من
يصدق (بالبرهان)، ومنهم من يصدق، (بالأقاويل الجدلية) تصديق صاحب البرهان
بالبرهان، إذ ليس في طباعه أكثر من ذلك، ومنهم يصدق (بالأقاويل الخطابية)،
كتصديق صاحب البرهان بالأقاويل البرهانية.
وذلك أنه لما كانت شريعتنا هذه الإلهية قد دعت الناس من هذه الطرق
الثلاث، عم التصديق بها كل إنسان، إلا من جحدها كناداً بلسانه، أو لم تتقرر
عنده طرق الدعاء فيها إلى الله تعالى لإغفاله ذلك من نفسه. ولذلك خص عليه
السلام بالبعث إلى الأحمر والأسود، أعني لتضمن شريعته طرق الدعاء إلى الله
تعالى. وذلك صريح في قوله تعالى: ((ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة
الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن)).
وإذا كانت هذه الشريعة، حقاً وداعية إلى النظر المؤدي إلى معرفة الحق
فإنّا، معشر المسلمين، نعلم على القطع أنه لا يؤدي النظر البرهاني إلى
مخالفة ما ورد به الشرع. فإن الحق لا يضاد الحق، بل يوافقه ويشهد له. وإذا
كان هذا هكذا، فإن أدى النظر البرهاني إلى نحو ما من المعرفة بموجود ما،
فلا يخلو ذلك الموجود أن يكون قد سكت عنه في الشرع أو عرف به. فإن كان مما
قد سكت عنه فلا تعارض هنالك، هو بمنزلة ما سكت عنه من الأحكام، فاستنبطها
الفقيه بالقياس الشرعي. وإن كانت الشريعة نطقت به، فلا يخلو ظاهر النطق أن
يكون موافقاً لما أدى إليه البرهان فيه أو مخالفاً. فإن كان موافقاً، فلا
قول هنالك. وإن كان مخالفاً، طلب هنالك تأويله. ومعنى التأويل هو إخراج
دلالة اللفظ من الدلالة الحقيقية إلى الدلالة المجازة من غير أن يخل في ذلك
بعادة لسان العرب في التجوز من تسمية الشيء بشبيهه أو بسببه أو لاحقه أو
مقارنه أو غير ذلك من الأشياء التي عددت، في تعريف أصناف الكلام المجازي.
السبت أبريل 23, 2016 12:15 pm من طرف ابوصدام عدى
» فرح حسن قرشى ابوعدوى
السبت أبريل 16, 2016 7:59 pm من طرف ابوصدام عدى
» الغاز الغاز....................وفوازير
الخميس أبريل 14, 2016 9:03 pm من طرف ابوصدام عدى
» اسئله اين................................. ,,,
الخميس أبريل 14, 2016 9:00 pm من طرف ابوصدام عدى
» اسئله اين.........................
الخميس أبريل 14, 2016 8:59 pm من طرف ابوصدام عدى
» اسئله ما هو ........................
الخميس أبريل 14, 2016 8:58 pm من طرف ابوصدام عدى
» اسئله ما هى ....................
الخميس أبريل 14, 2016 8:57 pm من طرف ابوصدام عدى
» اسءله كم مساحه الاتى
الخميس أبريل 14, 2016 8:56 pm من طرف ابوصدام عدى
» اكثر من 200 سؤالاً وجواباً منوعة-أسئلة مسابقات
الخميس أبريل 14, 2016 8:55 pm من طرف ابوصدام عدى