لعله يجدر
بنا قبل الخوض في الموضوع أن نمهد بفكرة تاريخية عن جهود المفكرين
الإسلاميين (متكلمين وفلاسفة) الساعة إلَى وضع قانون كلي يحكم عملية
العلاقة بين العقل والنقل. فمتى وقع التفكير بجدية في هذا القانون عند
مفكري الإسلام؟ ولماذا وضع؟
إن
الخوف من شيوع الفوضى في إشكالية التأويل وآثارها السلبية على العقيدة
نفسها دفع بالعلماء المسلمين -كل من جهته- على الاجتهاد لوضع قانون كلي
يحكم العملية التأويلية ويجنبها الوقوع في الزلل(1).
ولعل
أولى المحاولات عند المتكلمين الأشاعرة كانت على يد الجويني (ت 487 هـ) في
إرشاده فقد خصص بابا أسماه (باب القول في السمعيات) ثم جاء من بعده تلميذه
الكبير الغزالي (ت 505 هـ) الذي وضع رسالة بعنوان (قانون التأويل) ولعلها
من أولى الرسائل الكلامية المنهجية التي وضعت في الموضوع. وقد كانت هذه
الرسالة محورا لكل الأعمال التي تناولت (القانون) فالغزالي كان سابقا
الرازي (ت 606 هـ) وممهدا له في تدشين طريقة المتأخرين في التأويل. كما أن
مشروع ابن تيمية (ت 728 هـ) الضخم الذي أودعه كتابه الكبير (درء تعارض
العقل والنقل) كان نقضا الرازي المطور والمتجاوز للغزالي أساسا.
أما
الفلاسفة، فقد وضع الكندي نظرية في الموضوع في رسالته إلَى المتوكل كما أن
ابن سينا (ت 428 هـ) وضع قانونا خاصا به في (رسالة أضحوية). فلما جاء أبو
الوليد بعد ما حدث للفلسفة على يد الغزالي حاول النهوض بأعباء حل الإشكالية
العالقة في الفكر الإسلامي (العقل والنقل) فخصص كتابه (فصل المقال) لهذه
القضية العويصة، وهو بذلك يعد أول فيلسوف مسلم يفرد للإشكالية النظرية
كتابا مستقلا برأسه. أما كتاباه (الكشف عن مناهج الأدلة) و(تهافت التهافت)
فهما التطبيق العملي للإشكالية النظرية. وقبل الخوض في تفاصيل موضوعنا من
خلال الرؤية الرشدية يحسن بنا أن نذكر بمسألة في غاية الخطورة والأهمية.
ذلك أن أطروحة ليون جوتيه (Léon Gauthier)
(نظرية(2) ابن رشد بشأن) علاقات الشريعة والفلسفة) الصادرة سنة 1909م جعلت
من ابن رشد، فيلسوف التوفيق بين العقل والشريعة بدون منازع. فحملت بذلك
صاحبها مسؤولية كبيرة بإلزامها جميع الدراسات الرشدية طيلة قرن تقريبا
تكرارا مملا لها ولجميع عناصرها
فقد
قرأ جوتيه الفكر الرشيدي في ضوء رؤية مدرسية قروسطية همها الوحيد التوفيق
بين المسيحية والفلسفة المشائية، ذلك ما أدى به إلَى إيجاد هذه القصدية
اعتباطا عند ابن رشد فتبعه في ذلك جميع مؤرخي الفلسفة الإسلامية الشرقيين
والمستشرقين على حد السواء. كما أن جوتيه لم يفهم عنوان الكتاب (فصل
المقال) فقد ترجمه إلَى الفرنسية سنة 1905م بـ) (Traité décisif sur l’accord de lareligion et de la philosophie) فأخطأ في أمرين مهمين بحسب أستاذنا عبد الحميد الغنوشي(3) أولا: لأنه حرف مفهوم الكتاب بعكس عنوانه وترجمه بالقول الفصل (Traitédécisif) في حين أنه (فصل المقال (Distinction de discours) الفرق شاسع بين المضمونين. ثانيا: لأنه لم يفهم كلمة (اتصال) وترجمها بـ (Accord)
فأخذها عنه جميع المترجمين الأروبيين للكتاب مرتكبين الخطأ نفسه(4)، فكلمة
(اتصال) ليست تعني البتة التوفيق وإنما تفيد العلاقة والصلة والنسبة،
فيكون قصد ابن رشد التمييز في القول والفصل بين الأشياء اللامتجانسة أي
التمييز بين الخطاب الشرعي والخطاب الفلسفي مع إثبات ما بينهما من صلة نسبة
ورابطة. فإذا كان لابن رشد من خصوصية وإضافة في العلاقة بين الحكمة
والشريعة (العقل/النقل) فإنها تتجلى في هذا التمييز بين القولين. ذلك أن
مصدر الحقيقة الشرعية يختلف عن مصدر الحقيقة الفلسفية لاختلاف أدواتهما
ووسائلهما، فيترتب عليه أن تكون الحقيقتان مختلفتين مغايرتين لبعضهما البعض
لا متناقضتين، إذ التناقض من صميم التجانس. في حين أن الأمر على عكس ذلك
تماما إذ للفلسفة حقلها الخاص، لذلك لا مجال للقول بالتناقض بل يجب الفصل
والمغايرة كما أقرهما ابن رشد.
وبعد
هذا التوضيح المنهجي الذي نراه ضروري، نعود إلَى صلب الإشكالية فابن رشد
في كتاب (فصل المقال) قد صدر في بيان تلك العلاقة عن هذه المبادئ:
1- الشريعة توجب التفلسف.
2- الشريعة لها معان ظاهرة للعامة و أخرى باطنة للخاصة، ومعنى هذا وذاك وجوب التأويل أحيانا، ولبعض الطبقات من الناس.
3- وضع قواعد خاصة بتأويل النصوص.
4- تحديد مدى قدرة العقل والصلة بينه وبين الوحي.
وقد انتهى ابن رشد من ذلك كله إلَى أن الحكمة والشريعة، أَو الدين والفلسفة أختان رضعتا لبانا واحداً.
الفلسفة والشريعة والتأويل
الفلسفة
عند ابن رشد (ليس شيئا أكثر من النظر في الموجودات واعتبارها من جهة
دلالتها على الصانع، أعني من جهة ما هي مصنوعات، فإن الموجودات إنما تدل
على الصانع بمعرفة صنعتها وأنه كلما كانت المعرفة بصنعتها أتم كانت المعرفة
بالصانع أتم)(5).
فابن رشد كما ترى لا يقدم في قوله هذا التعريف الحقيقي للفلسفة كما يقره أرسطو أي: (Tou On tos E On)
أي (علم الموجود بما هو موجود) كما ألفنا ابن رشد يحدد به الفلسفة في جميع
مؤلفاته على غرار أرسطو فهو يقول في كتابه (تفسير ما بعد الطبيعة) فصل
اللام ص1395 (إن هذه الصناعة (أي الفلسفة) لمّا كانت ناظرة في الموجود بما
هو موجود وذلك يقتضي النظر في مبادئ الموجود بما هو موجود وفي الأمور
اللاحقة إذ كانت كل صناعة نظرية إنما تحتوي على هذين الجنسين من المعرفة).
فالفرق
بين هذا التعريف والتعريف السابق أي الوارد في (فصل المقال) واضح متميز
وهو لا يعزى إلَى تناقض في الفكر الرشدي وإنما إلَى اختلاف الزاوية التي
ينظر منها إلَى الفلسفة – فإذا كان ابن رشد ينظر إلَى الفلسفة في التعريف
الثاني من منظار أرسطو ومن وجهة الفلسفة الأولى أي الأنطولوجيا فإنه ينظر
في التعريف الأول من زاوية المتكلمين مشترطا أن تنطلق من رؤيتهم الكلامية –
الفلسفية لكي نبرر مشروعية التفلسف فيسمح لنا بها – فإن كانت الفلسفة كما
يقول المتكلمون هي النظر في الموجودات واعتبارها من حيث دلالتها على الصانع
فإنه يلزم عن ذلك حسب إقرارهم أن تكون المعرفة بالصانع تابعة إلَى المعرفة
بالموجودات موظفة عليها توظيفا وثيقا متناسبا – لذلك كان على (ليون جوتيه)
أن يتفطن إلَى هذا الأمر حتى لا يخلط بين معتقد المتكلمين ومعتقد ابن رشد
بخصوص تعريف الفلسفة وحتى لا يخلط بين التعريفين ليستنتج منهما نظرية
التوفيق بين الفلسفة والشريعة من حيث منطلقها وقصديتهما – أما الفقرة
الثانية التي توقف عندها (ليون جوتيه) وأقام عليها صرح أطروحته بشأن
التوفيق هذا فهي تتضمن معنى دقيقا ذهب على المستشرق الرائد إذ هي تتمثل في
جملة شرطية تشترط أن تكون الملة حقا – (وذلك لن يتعرف عليه منطقيا عن طريق
البرهنة إطلاقا!) حتى تتفق مع الحقيقة الفلسفية البرهانية لأن الحق لا
ينافي الحق أَو بعبارة أخرى لو كانت الشريعة باطلة أي غير ثابتة ثبوتا
برهانيا منطقيا فإنها تقابل إذ ذاك الحقيقة البرهانية بل تضادها كما يستشف
من قول ابن رشد: (وإذا كانت هذه الشريعة حقا وداعية إلَى النظر المؤدي إلَى
المعرفة الحق فإن معشر المسلمين نعلم على القطع أنه لا يؤدي النظر
البرهاني إلَى مخالفة ما ورد به الشرع فإن الحق لا يضاد الحق بل يوافقه
ويشهد له). (فصل ص31) فهذه الجملة كما ترى تبتدئ بأداة شرط وتشترط أن تكون
الشريعة حقا ومحرضة على الاعتبار والتفكير الموصلين إلَى المعرفة الحقيقية
إذ بهذا الشرط وهذا الثمن وحدها لن يكون الحق مضادا للحق بل تكون الحقيقة
الشرعية والحقيقة الفلسفية البرهانية سيئين متماثلتين صادقتين -إلا أن هذا
القول- كما ترى- يظل مجرد افتراض يتطلب البرهنة عليه وإثباته إذ أنه من
البديهي أن لا تضاد بين الحقيقة والحقيقة شريطة أن تكون الحقيقتان من نفس
الجنس ونفس النوع وأن تصدرا من نفس المصدر أي أن تكونا من عين البنية
المنطقية القطعية إذ يكفي أن تكونا غير متجانستين فتصدر إحداهما عن الوحي
والإلهام في حين تكون الحقيقة الأخرى مبنية ومقامة على البرهان واليقين
العلمي والفلسفي لكي نجد أنفسنا إزاء (حقيقتين) بل مرتبتين للحقيقة غير
متساويتين بل هما مغايرتان لبعضهما بعضا وهذا ما بينه ابن رشد وبرهن عليه
بشأن خلود النفس مثلا)(6).
أما الحكمة عنده فهي المعرفة بالأسباب الغائية(7) وهي كذلك النظر في الأشياء (بحسب ما تقتضيه طبيعة البرهان)(.
وأما
العلم (فهو معرفة الأشياء بأسبابها)(9)، وهو نفس ما سماه العلم الحق الذي
هو معرفة الله تعالى وسائر موجوداته على ما هي عليه وبخاصة الشريعة منها
ومعرفة (السعادة الأخروية والشقاء الأخروي)(10). وهو العلم اليقيني الذي
عرفه بأنه معرفة الشيء على ما هو عليه.
وهذه التعاريفات تكاد تكون واحدة فهي تنحصر كلها في معرفة الموجود ودلالاته على الخالق (الصانع).
لكن
ابن رشد الذي عرف الفلسفة تعريفا من زاوية كلامية لا يريد أن تبقى معزولة
خصوصا أن ابن رشد يرمي إلَى اعتبار الفلسفة من المعارف التي أكد الشرع
عليها، بل ربما أهمها لذلك فإنه يرى أن الفلسفة كذلك تفحص عن كل ما جاء به
الشرع. يقول ابن رشد في ذلك (والفلسفة تفحص عن كل ما جاء في الشرع، فإن
أدركته استوى الإدراك، وكل ذلك أتم في المعرفة)(11) يبد أن الفلسفة لا تدرك
كل شيء، وعلى العكس من ذلك فالشريعة تحيط بكل شيء يقول: (وإن لم تدركه
اعلم بقصور العقل الإنساني عنه وأن يدركه الشرع فقط)(12).ولعل هذا الموقف هو نفسه عند الفلاسفة اليهود والنصارى.
يرى
الفيلسوف اليهودي الأندلسي ابن ميمون أن العقل له حد يقف عنده في قدرته
على المعرفة، وحينئذ يجب اللجوء فيما لا يمكن أن يصل إليه العقل إلَى
الوحي(13).
ويؤكد ابن رشد نفس هذا المعنى في تهافته إذ يقول: (كل ما عجز عنه العقل أفاده الله-تعالى- الإنسان من قبل الوحي)(14).
وبالجملة
فالأمور التي لا يكتفي العقل بنفسه في معرفتها تتلخص كما يرى فيلسوف قرطبة
(ابن رشد) في معرفة الله والسعادة والشقاء الإنساني في هذه الدنيا وفي
الحياة الأخرى أيضا ووسائل هذه السعادة وأسباب هذا الشقاء. إن هذه الفضائل
الخلقية والنظرية لا تعرف كلها أَو بعضها إلا بوحي. ذلك أن الشريعة من حيث
الموضوع لا تختلف عن الفلسفة عند ابن رشد فهي أيضا المعرفة بالله
وبمخلوقاته، ولكنها أعم الفلسفة لصلاحيتها لكل الفئات الاجتماعية.
فهي
تخاطب كل الناس والطبقات على تغايرها من حيث الاستعداد النظري ودرجة الفهم
والإدراك: (إذ أن طباع الناس متفاوتة في التصديق. فمنهم من يصدق بالبرهان
ومنهم من يصدق بالأقاويل الجدلية تصديق صاحب البرهان بالبرهان إذ ليس في
طباعه أكثر من ذلك. ومنهم من لا يصدق بالأقاويل الخطابية كتصديق صاحب
البرهان بالأقاويل البرهانية)(15). وإذا كانت الشريعة قد استعملت الطرق
الثلاث التي من بينها البرهان فالفلسفة لم تستخدم غير البرهان وهو اليقين،
وهو العلم اليقيني والحكمة فلا فرق إذا بين الشريعة والحكمة من هذه
الناحية(16). وقد أفاض ابن رشد في الحديث عن علاقة الشرع بالفلسفة(17) وعن
وجوب نقلها عن القدماء القادرين على ذلك.
ولا شك أن ابن رشد يجعل نتائج الفلسفة حقيقية لا ريب فيها ويقينا لا تشوبه الظنون ولذلك عدها معيارا للحقيقة.
فإذا
كان في (تهافت التهافت) و (الكشف عن مناهج الأدلة) قد رمى الفلسفة بالقصور
والعقل بالعجز في بعض القضايا التي أوردها الشرع ففي (فصل المقال) يعطي
الكمال المطلق للنظر العقلي وسلامة الطريقة البرهانية.
فكيف يمكن حل مشكلة عدم مخالفة الفلسفة للشرع الجامع إلَى جانب البرهان الطرق الظنية من خطابة وجدل(18)؟
لحل
هذا الإشكال يلجأ ابن رشد إلَى تحليل الخطاب الإلهي وإظهار ما فيه من
تفاوت حسب مستوى مخاطبيه فيقول: (والسبب في ورود الشرع فيه الظاهر والباطن
هو اختلاف فطر الناس وتباين قرائحهم في التصديق…)(19).
ويشرح
ابن رشد ذلك بقوله: (وأما الأشياء التي لخفائها لا تعرف إلا بالبرهان، فقد
تلطف الله فيها لعباده الذين لا سبيل لهم إلا البرهان إما من قبل فطرهم،
وإما من قبل عاداتهم وإما من قبل عدمهم أسباب التعلم بأن ضرب لهم أمثالها
وأشباهها ودعاهم إلَى التصديق بتلك الأمثال إذا كانت تلك الأمثال يمكن أن
يقع التصديق لها بالأدلة المشركة للجميع، أعني الجدلية والخطابة وهذا هو
السبب في أن نقسم الشرع إلَى ظاهر وباطن. فإن الظاهر هو تلك الأمثال
المضروبة لتلك المعاني والباطن هو تلك المعاني التي لا تتجلى إلا لأهل
البرهان)(20) ولهذا السبب حرّم ابن رشد التصريح بالتأويل اليقيني لأهل
الجدل فضلا عن الجمهور(21).
إذن
يصل ابن رشد في النهاية إلَى أن النص الديني يتضمن معاني ظاهرة وأسلوب
محكم، كما يتضمن مثالات ورموزا تشير إلَى حقائق لم يصرح بها وبعبارة أخرى:
في القرآن ظاهر وباطل أَو تأويل(22).
إن
كلمة (تأويل) التي تعنى عموما الشرح والتفسير، وتعنى خصوصا إظهار باطن
العبارة الذي لا يظهر من اللفظ أصبح لها عند ابن رشد مفهوما آخر. فليس
التأويل مجرد إعطاء معنى لأي مثال أَو رمز في القرآن بل هو ما يتوصل إليه
عن طريق البرهان الفلسفي وبعبارة أخرى فالفلسفة هي تأويل القرآن، إذ هي
تبحث في الوجود كما أسلفنا والنص القرآني يبحث كذلك عن الوجود(23). هذا ما
جعلنا نقول بأن غاية ابن رشد من التأويل هو البحث عن المعنى الفلسفي(24)
(الأرسطي) في النص القرآني ففيما كان الغزالي يبحث عن المعنى الحقيقي للنص
في حد ذاته. وهذا خلاف نوعي في اعتقادنا في مسألة التأويل بين الغزالي وابن
رشد.
فابن
رشد في عرضه لمبحث التأويل(25) لا يقوم بعملية توفيق، لأن التوفيق يستلزم
تقريب وجهتين مختلفتين حقيقة أَو ظاهرا، وليس هناك تناقض بين الوجهة
الدينية والوجهة الفلسفية. لكن كل ما في الأمر أن الدين عبر عن بعض الحقائق
في صور تمثيلية لتقريبها من أفهام أكثر الناس، والفلسفة ترجع بنا إلَى
حقائق هذه المثالات، وهذا بالضبط معنى التأويل. فللخروج إذا مما يبدو
تناقضا في مواقف ابن رشد في (الكشف) و(تهافت التهافت) من جهة و (فصل
المقال) من جهة أخرى يجب قراءة نصوص المناهج وتهافت التهافت في ضوء (فصل
المقال) الذي ألف لغرض واحد هو كما يدل عليه اسمه تبيين العلاقة أَو
الاتصال بين العقل أَو والشريعة. يقول الباحث محمد يوسف موسى: (وإذا كان
الأمر ينبغي أن يكون هكذا كان من الحق أن نقرر أن ابن رشد بقي أمينا دائما
وصادقا في نزعته العقلية.)(26). إلا أنه يتحفظ تجاه هذا الحكم العام ويميل
في نهاية بحثه إلَى اعتبار ابن رشد عقلاني حين يتعلق الأمر بالخاصة وغير
عقلاني إذا تعلق الأمر بالعامة(27).
بنا قبل الخوض في الموضوع أن نمهد بفكرة تاريخية عن جهود المفكرين
الإسلاميين (متكلمين وفلاسفة) الساعة إلَى وضع قانون كلي يحكم عملية
العلاقة بين العقل والنقل. فمتى وقع التفكير بجدية في هذا القانون عند
مفكري الإسلام؟ ولماذا وضع؟
إن
الخوف من شيوع الفوضى في إشكالية التأويل وآثارها السلبية على العقيدة
نفسها دفع بالعلماء المسلمين -كل من جهته- على الاجتهاد لوضع قانون كلي
يحكم العملية التأويلية ويجنبها الوقوع في الزلل(1).
ولعل
أولى المحاولات عند المتكلمين الأشاعرة كانت على يد الجويني (ت 487 هـ) في
إرشاده فقد خصص بابا أسماه (باب القول في السمعيات) ثم جاء من بعده تلميذه
الكبير الغزالي (ت 505 هـ) الذي وضع رسالة بعنوان (قانون التأويل) ولعلها
من أولى الرسائل الكلامية المنهجية التي وضعت في الموضوع. وقد كانت هذه
الرسالة محورا لكل الأعمال التي تناولت (القانون) فالغزالي كان سابقا
الرازي (ت 606 هـ) وممهدا له في تدشين طريقة المتأخرين في التأويل. كما أن
مشروع ابن تيمية (ت 728 هـ) الضخم الذي أودعه كتابه الكبير (درء تعارض
العقل والنقل) كان نقضا الرازي المطور والمتجاوز للغزالي أساسا.
أما
الفلاسفة، فقد وضع الكندي نظرية في الموضوع في رسالته إلَى المتوكل كما أن
ابن سينا (ت 428 هـ) وضع قانونا خاصا به في (رسالة أضحوية). فلما جاء أبو
الوليد بعد ما حدث للفلسفة على يد الغزالي حاول النهوض بأعباء حل الإشكالية
العالقة في الفكر الإسلامي (العقل والنقل) فخصص كتابه (فصل المقال) لهذه
القضية العويصة، وهو بذلك يعد أول فيلسوف مسلم يفرد للإشكالية النظرية
كتابا مستقلا برأسه. أما كتاباه (الكشف عن مناهج الأدلة) و(تهافت التهافت)
فهما التطبيق العملي للإشكالية النظرية. وقبل الخوض في تفاصيل موضوعنا من
خلال الرؤية الرشدية يحسن بنا أن نذكر بمسألة في غاية الخطورة والأهمية.
ذلك أن أطروحة ليون جوتيه (Léon Gauthier)
(نظرية(2) ابن رشد بشأن) علاقات الشريعة والفلسفة) الصادرة سنة 1909م جعلت
من ابن رشد، فيلسوف التوفيق بين العقل والشريعة بدون منازع. فحملت بذلك
صاحبها مسؤولية كبيرة بإلزامها جميع الدراسات الرشدية طيلة قرن تقريبا
تكرارا مملا لها ولجميع عناصرها
فقد
قرأ جوتيه الفكر الرشيدي في ضوء رؤية مدرسية قروسطية همها الوحيد التوفيق
بين المسيحية والفلسفة المشائية، ذلك ما أدى به إلَى إيجاد هذه القصدية
اعتباطا عند ابن رشد فتبعه في ذلك جميع مؤرخي الفلسفة الإسلامية الشرقيين
والمستشرقين على حد السواء. كما أن جوتيه لم يفهم عنوان الكتاب (فصل
المقال) فقد ترجمه إلَى الفرنسية سنة 1905م بـ) (Traité décisif sur l’accord de lareligion et de la philosophie) فأخطأ في أمرين مهمين بحسب أستاذنا عبد الحميد الغنوشي(3) أولا: لأنه حرف مفهوم الكتاب بعكس عنوانه وترجمه بالقول الفصل (Traitédécisif) في حين أنه (فصل المقال (Distinction de discours) الفرق شاسع بين المضمونين. ثانيا: لأنه لم يفهم كلمة (اتصال) وترجمها بـ (Accord)
فأخذها عنه جميع المترجمين الأروبيين للكتاب مرتكبين الخطأ نفسه(4)، فكلمة
(اتصال) ليست تعني البتة التوفيق وإنما تفيد العلاقة والصلة والنسبة،
فيكون قصد ابن رشد التمييز في القول والفصل بين الأشياء اللامتجانسة أي
التمييز بين الخطاب الشرعي والخطاب الفلسفي مع إثبات ما بينهما من صلة نسبة
ورابطة. فإذا كان لابن رشد من خصوصية وإضافة في العلاقة بين الحكمة
والشريعة (العقل/النقل) فإنها تتجلى في هذا التمييز بين القولين. ذلك أن
مصدر الحقيقة الشرعية يختلف عن مصدر الحقيقة الفلسفية لاختلاف أدواتهما
ووسائلهما، فيترتب عليه أن تكون الحقيقتان مختلفتين مغايرتين لبعضهما البعض
لا متناقضتين، إذ التناقض من صميم التجانس. في حين أن الأمر على عكس ذلك
تماما إذ للفلسفة حقلها الخاص، لذلك لا مجال للقول بالتناقض بل يجب الفصل
والمغايرة كما أقرهما ابن رشد.
وبعد
هذا التوضيح المنهجي الذي نراه ضروري، نعود إلَى صلب الإشكالية فابن رشد
في كتاب (فصل المقال) قد صدر في بيان تلك العلاقة عن هذه المبادئ:
1- الشريعة توجب التفلسف.
2- الشريعة لها معان ظاهرة للعامة و أخرى باطنة للخاصة، ومعنى هذا وذاك وجوب التأويل أحيانا، ولبعض الطبقات من الناس.
3- وضع قواعد خاصة بتأويل النصوص.
4- تحديد مدى قدرة العقل والصلة بينه وبين الوحي.
وقد انتهى ابن رشد من ذلك كله إلَى أن الحكمة والشريعة، أَو الدين والفلسفة أختان رضعتا لبانا واحداً.
الفلسفة والشريعة والتأويل
الفلسفة
عند ابن رشد (ليس شيئا أكثر من النظر في الموجودات واعتبارها من جهة
دلالتها على الصانع، أعني من جهة ما هي مصنوعات، فإن الموجودات إنما تدل
على الصانع بمعرفة صنعتها وأنه كلما كانت المعرفة بصنعتها أتم كانت المعرفة
بالصانع أتم)(5).
فابن رشد كما ترى لا يقدم في قوله هذا التعريف الحقيقي للفلسفة كما يقره أرسطو أي: (Tou On tos E On)
أي (علم الموجود بما هو موجود) كما ألفنا ابن رشد يحدد به الفلسفة في جميع
مؤلفاته على غرار أرسطو فهو يقول في كتابه (تفسير ما بعد الطبيعة) فصل
اللام ص1395 (إن هذه الصناعة (أي الفلسفة) لمّا كانت ناظرة في الموجود بما
هو موجود وذلك يقتضي النظر في مبادئ الموجود بما هو موجود وفي الأمور
اللاحقة إذ كانت كل صناعة نظرية إنما تحتوي على هذين الجنسين من المعرفة).
فالفرق
بين هذا التعريف والتعريف السابق أي الوارد في (فصل المقال) واضح متميز
وهو لا يعزى إلَى تناقض في الفكر الرشدي وإنما إلَى اختلاف الزاوية التي
ينظر منها إلَى الفلسفة – فإذا كان ابن رشد ينظر إلَى الفلسفة في التعريف
الثاني من منظار أرسطو ومن وجهة الفلسفة الأولى أي الأنطولوجيا فإنه ينظر
في التعريف الأول من زاوية المتكلمين مشترطا أن تنطلق من رؤيتهم الكلامية –
الفلسفية لكي نبرر مشروعية التفلسف فيسمح لنا بها – فإن كانت الفلسفة كما
يقول المتكلمون هي النظر في الموجودات واعتبارها من حيث دلالتها على الصانع
فإنه يلزم عن ذلك حسب إقرارهم أن تكون المعرفة بالصانع تابعة إلَى المعرفة
بالموجودات موظفة عليها توظيفا وثيقا متناسبا – لذلك كان على (ليون جوتيه)
أن يتفطن إلَى هذا الأمر حتى لا يخلط بين معتقد المتكلمين ومعتقد ابن رشد
بخصوص تعريف الفلسفة وحتى لا يخلط بين التعريفين ليستنتج منهما نظرية
التوفيق بين الفلسفة والشريعة من حيث منطلقها وقصديتهما – أما الفقرة
الثانية التي توقف عندها (ليون جوتيه) وأقام عليها صرح أطروحته بشأن
التوفيق هذا فهي تتضمن معنى دقيقا ذهب على المستشرق الرائد إذ هي تتمثل في
جملة شرطية تشترط أن تكون الملة حقا – (وذلك لن يتعرف عليه منطقيا عن طريق
البرهنة إطلاقا!) حتى تتفق مع الحقيقة الفلسفية البرهانية لأن الحق لا
ينافي الحق أَو بعبارة أخرى لو كانت الشريعة باطلة أي غير ثابتة ثبوتا
برهانيا منطقيا فإنها تقابل إذ ذاك الحقيقة البرهانية بل تضادها كما يستشف
من قول ابن رشد: (وإذا كانت هذه الشريعة حقا وداعية إلَى النظر المؤدي إلَى
المعرفة الحق فإن معشر المسلمين نعلم على القطع أنه لا يؤدي النظر
البرهاني إلَى مخالفة ما ورد به الشرع فإن الحق لا يضاد الحق بل يوافقه
ويشهد له). (فصل ص31) فهذه الجملة كما ترى تبتدئ بأداة شرط وتشترط أن تكون
الشريعة حقا ومحرضة على الاعتبار والتفكير الموصلين إلَى المعرفة الحقيقية
إذ بهذا الشرط وهذا الثمن وحدها لن يكون الحق مضادا للحق بل تكون الحقيقة
الشرعية والحقيقة الفلسفية البرهانية سيئين متماثلتين صادقتين -إلا أن هذا
القول- كما ترى- يظل مجرد افتراض يتطلب البرهنة عليه وإثباته إذ أنه من
البديهي أن لا تضاد بين الحقيقة والحقيقة شريطة أن تكون الحقيقتان من نفس
الجنس ونفس النوع وأن تصدرا من نفس المصدر أي أن تكونا من عين البنية
المنطقية القطعية إذ يكفي أن تكونا غير متجانستين فتصدر إحداهما عن الوحي
والإلهام في حين تكون الحقيقة الأخرى مبنية ومقامة على البرهان واليقين
العلمي والفلسفي لكي نجد أنفسنا إزاء (حقيقتين) بل مرتبتين للحقيقة غير
متساويتين بل هما مغايرتان لبعضهما بعضا وهذا ما بينه ابن رشد وبرهن عليه
بشأن خلود النفس مثلا)(6).
أما الحكمة عنده فهي المعرفة بالأسباب الغائية(7) وهي كذلك النظر في الأشياء (بحسب ما تقتضيه طبيعة البرهان)(.
وأما
العلم (فهو معرفة الأشياء بأسبابها)(9)، وهو نفس ما سماه العلم الحق الذي
هو معرفة الله تعالى وسائر موجوداته على ما هي عليه وبخاصة الشريعة منها
ومعرفة (السعادة الأخروية والشقاء الأخروي)(10). وهو العلم اليقيني الذي
عرفه بأنه معرفة الشيء على ما هو عليه.
وهذه التعاريفات تكاد تكون واحدة فهي تنحصر كلها في معرفة الموجود ودلالاته على الخالق (الصانع).
لكن
ابن رشد الذي عرف الفلسفة تعريفا من زاوية كلامية لا يريد أن تبقى معزولة
خصوصا أن ابن رشد يرمي إلَى اعتبار الفلسفة من المعارف التي أكد الشرع
عليها، بل ربما أهمها لذلك فإنه يرى أن الفلسفة كذلك تفحص عن كل ما جاء به
الشرع. يقول ابن رشد في ذلك (والفلسفة تفحص عن كل ما جاء في الشرع، فإن
أدركته استوى الإدراك، وكل ذلك أتم في المعرفة)(11) يبد أن الفلسفة لا تدرك
كل شيء، وعلى العكس من ذلك فالشريعة تحيط بكل شيء يقول: (وإن لم تدركه
اعلم بقصور العقل الإنساني عنه وأن يدركه الشرع فقط)(12).ولعل هذا الموقف هو نفسه عند الفلاسفة اليهود والنصارى.
يرى
الفيلسوف اليهودي الأندلسي ابن ميمون أن العقل له حد يقف عنده في قدرته
على المعرفة، وحينئذ يجب اللجوء فيما لا يمكن أن يصل إليه العقل إلَى
الوحي(13).
ويؤكد ابن رشد نفس هذا المعنى في تهافته إذ يقول: (كل ما عجز عنه العقل أفاده الله-تعالى- الإنسان من قبل الوحي)(14).
وبالجملة
فالأمور التي لا يكتفي العقل بنفسه في معرفتها تتلخص كما يرى فيلسوف قرطبة
(ابن رشد) في معرفة الله والسعادة والشقاء الإنساني في هذه الدنيا وفي
الحياة الأخرى أيضا ووسائل هذه السعادة وأسباب هذا الشقاء. إن هذه الفضائل
الخلقية والنظرية لا تعرف كلها أَو بعضها إلا بوحي. ذلك أن الشريعة من حيث
الموضوع لا تختلف عن الفلسفة عند ابن رشد فهي أيضا المعرفة بالله
وبمخلوقاته، ولكنها أعم الفلسفة لصلاحيتها لكل الفئات الاجتماعية.
فهي
تخاطب كل الناس والطبقات على تغايرها من حيث الاستعداد النظري ودرجة الفهم
والإدراك: (إذ أن طباع الناس متفاوتة في التصديق. فمنهم من يصدق بالبرهان
ومنهم من يصدق بالأقاويل الجدلية تصديق صاحب البرهان بالبرهان إذ ليس في
طباعه أكثر من ذلك. ومنهم من لا يصدق بالأقاويل الخطابية كتصديق صاحب
البرهان بالأقاويل البرهانية)(15). وإذا كانت الشريعة قد استعملت الطرق
الثلاث التي من بينها البرهان فالفلسفة لم تستخدم غير البرهان وهو اليقين،
وهو العلم اليقيني والحكمة فلا فرق إذا بين الشريعة والحكمة من هذه
الناحية(16). وقد أفاض ابن رشد في الحديث عن علاقة الشرع بالفلسفة(17) وعن
وجوب نقلها عن القدماء القادرين على ذلك.
ولا شك أن ابن رشد يجعل نتائج الفلسفة حقيقية لا ريب فيها ويقينا لا تشوبه الظنون ولذلك عدها معيارا للحقيقة.
فإذا
كان في (تهافت التهافت) و (الكشف عن مناهج الأدلة) قد رمى الفلسفة بالقصور
والعقل بالعجز في بعض القضايا التي أوردها الشرع ففي (فصل المقال) يعطي
الكمال المطلق للنظر العقلي وسلامة الطريقة البرهانية.
فكيف يمكن حل مشكلة عدم مخالفة الفلسفة للشرع الجامع إلَى جانب البرهان الطرق الظنية من خطابة وجدل(18)؟
لحل
هذا الإشكال يلجأ ابن رشد إلَى تحليل الخطاب الإلهي وإظهار ما فيه من
تفاوت حسب مستوى مخاطبيه فيقول: (والسبب في ورود الشرع فيه الظاهر والباطن
هو اختلاف فطر الناس وتباين قرائحهم في التصديق…)(19).
ويشرح
ابن رشد ذلك بقوله: (وأما الأشياء التي لخفائها لا تعرف إلا بالبرهان، فقد
تلطف الله فيها لعباده الذين لا سبيل لهم إلا البرهان إما من قبل فطرهم،
وإما من قبل عاداتهم وإما من قبل عدمهم أسباب التعلم بأن ضرب لهم أمثالها
وأشباهها ودعاهم إلَى التصديق بتلك الأمثال إذا كانت تلك الأمثال يمكن أن
يقع التصديق لها بالأدلة المشركة للجميع، أعني الجدلية والخطابة وهذا هو
السبب في أن نقسم الشرع إلَى ظاهر وباطن. فإن الظاهر هو تلك الأمثال
المضروبة لتلك المعاني والباطن هو تلك المعاني التي لا تتجلى إلا لأهل
البرهان)(20) ولهذا السبب حرّم ابن رشد التصريح بالتأويل اليقيني لأهل
الجدل فضلا عن الجمهور(21).
إذن
يصل ابن رشد في النهاية إلَى أن النص الديني يتضمن معاني ظاهرة وأسلوب
محكم، كما يتضمن مثالات ورموزا تشير إلَى حقائق لم يصرح بها وبعبارة أخرى:
في القرآن ظاهر وباطل أَو تأويل(22).
إن
كلمة (تأويل) التي تعنى عموما الشرح والتفسير، وتعنى خصوصا إظهار باطن
العبارة الذي لا يظهر من اللفظ أصبح لها عند ابن رشد مفهوما آخر. فليس
التأويل مجرد إعطاء معنى لأي مثال أَو رمز في القرآن بل هو ما يتوصل إليه
عن طريق البرهان الفلسفي وبعبارة أخرى فالفلسفة هي تأويل القرآن، إذ هي
تبحث في الوجود كما أسلفنا والنص القرآني يبحث كذلك عن الوجود(23). هذا ما
جعلنا نقول بأن غاية ابن رشد من التأويل هو البحث عن المعنى الفلسفي(24)
(الأرسطي) في النص القرآني ففيما كان الغزالي يبحث عن المعنى الحقيقي للنص
في حد ذاته. وهذا خلاف نوعي في اعتقادنا في مسألة التأويل بين الغزالي وابن
رشد.
فابن
رشد في عرضه لمبحث التأويل(25) لا يقوم بعملية توفيق، لأن التوفيق يستلزم
تقريب وجهتين مختلفتين حقيقة أَو ظاهرا، وليس هناك تناقض بين الوجهة
الدينية والوجهة الفلسفية. لكن كل ما في الأمر أن الدين عبر عن بعض الحقائق
في صور تمثيلية لتقريبها من أفهام أكثر الناس، والفلسفة ترجع بنا إلَى
حقائق هذه المثالات، وهذا بالضبط معنى التأويل. فللخروج إذا مما يبدو
تناقضا في مواقف ابن رشد في (الكشف) و(تهافت التهافت) من جهة و (فصل
المقال) من جهة أخرى يجب قراءة نصوص المناهج وتهافت التهافت في ضوء (فصل
المقال) الذي ألف لغرض واحد هو كما يدل عليه اسمه تبيين العلاقة أَو
الاتصال بين العقل أَو والشريعة. يقول الباحث محمد يوسف موسى: (وإذا كان
الأمر ينبغي أن يكون هكذا كان من الحق أن نقرر أن ابن رشد بقي أمينا دائما
وصادقا في نزعته العقلية.)(26). إلا أنه يتحفظ تجاه هذا الحكم العام ويميل
في نهاية بحثه إلَى اعتبار ابن رشد عقلاني حين يتعلق الأمر بالخاصة وغير
عقلاني إذا تعلق الأمر بالعامة(27).
السبت أبريل 23, 2016 12:15 pm من طرف ابوصدام عدى
» فرح حسن قرشى ابوعدوى
السبت أبريل 16, 2016 7:59 pm من طرف ابوصدام عدى
» الغاز الغاز....................وفوازير
الخميس أبريل 14, 2016 9:03 pm من طرف ابوصدام عدى
» اسئله اين................................. ,,,
الخميس أبريل 14, 2016 9:00 pm من طرف ابوصدام عدى
» اسئله اين.........................
الخميس أبريل 14, 2016 8:59 pm من طرف ابوصدام عدى
» اسئله ما هو ........................
الخميس أبريل 14, 2016 8:58 pm من طرف ابوصدام عدى
» اسئله ما هى ....................
الخميس أبريل 14, 2016 8:57 pm من طرف ابوصدام عدى
» اسءله كم مساحه الاتى
الخميس أبريل 14, 2016 8:56 pm من طرف ابوصدام عدى
» اكثر من 200 سؤالاً وجواباً منوعة-أسئلة مسابقات
الخميس أبريل 14, 2016 8:55 pm من طرف ابوصدام عدى