المدرسه الفلسفيه

آثار الافتراق على الأمة3 OfJ1S
مرحبا بك فى المدرسه الفلسفيه
يرجى المساعده فى الابداع الرقى
مع تحياتى _ابوصدام عدى

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

المدرسه الفلسفيه

آثار الافتراق على الأمة3 OfJ1S
مرحبا بك فى المدرسه الفلسفيه
يرجى المساعده فى الابداع الرقى
مع تحياتى _ابوصدام عدى

المدرسه الفلسفيه

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
آثار الافتراق على الأمة3 Anim_1a736b5a-6461-70e4-99ee-5416def1b387
آثار الافتراق على الأمة3 9eg7jB

آثار الافتراق على الأمة3 Anim_8911a7c3-8027-4754-1534-332efefbbcf4

آثار الافتراق على الأمة3 Anim_20db2dff-1a62-a884-89aa-0a3cd0a867de


آثار الافتراق على الأمة3 Anim_fce7b6bf-8afc-d434-31a0-2f3062ed272e


آثار الافتراق على الأمة3 13908491912408232
آثار الافتراق على الأمة3 Anim_8ffa20ea-877b-3ce4-e510-ce176b7674fa


آثار الافتراق على الأمة3 Anim_7bd0f3a8-c06c-aad4-910b-247a6220679e


آثار الافتراق على الأمة3 Anim_4e00da50-a0a7-0a24-a588-d66987d1b3bf


مطلوب مشرفين

كرة المتواجدون

شات اعضاء المنتدى فقط

آثار الافتراق على الأمة3 GgaYwk

دخول

لقد نسيت كلمة السر

المتواجدون الآن ؟

ككل هناك 3 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 3 زائر :: 1 روبوت الفهرسة في محركات البحث

لا أحد


[ مُعاينة اللائحة بأكملها ]


أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 27 بتاريخ الخميس مايو 11, 2017 4:21 pm

احصائيات

أعضاؤنا قدموا 1607 مساهمة في هذا المنتدى في 1412 موضوع

هذا المنتدى يتوفر على 827 عُضو.

آخر عُضو مُسجل هو مظلات وسواتر فمرحباً به.

المواضيع الأخيرة

» من افراح ال عدوى بفرشوط
آثار الافتراق على الأمة3 Emptyالسبت أبريل 23, 2016 12:15 pm من طرف ابوصدام عدى

» فرح حسن قرشى ابوعدوى
آثار الافتراق على الأمة3 Emptyالسبت أبريل 16, 2016 7:59 pm من طرف ابوصدام عدى

» الغاز الغاز....................وفوازير
آثار الافتراق على الأمة3 Emptyالخميس أبريل 14, 2016 9:03 pm من طرف ابوصدام عدى

» اسئله اين................................. ,,,
آثار الافتراق على الأمة3 Emptyالخميس أبريل 14, 2016 9:00 pm من طرف ابوصدام عدى

» اسئله اين.........................
آثار الافتراق على الأمة3 Emptyالخميس أبريل 14, 2016 8:59 pm من طرف ابوصدام عدى

» اسئله ما هو ........................
آثار الافتراق على الأمة3 Emptyالخميس أبريل 14, 2016 8:58 pm من طرف ابوصدام عدى

» اسئله ما هى ....................
آثار الافتراق على الأمة3 Emptyالخميس أبريل 14, 2016 8:57 pm من طرف ابوصدام عدى

» اسءله كم مساحه الاتى
آثار الافتراق على الأمة3 Emptyالخميس أبريل 14, 2016 8:56 pm من طرف ابوصدام عدى

» اكثر من 200 سؤالاً وجواباً منوعة-أسئلة مسابقات
آثار الافتراق على الأمة3 Emptyالخميس أبريل 14, 2016 8:55 pm من طرف ابوصدام عدى

مكتبة الصور


آثار الافتراق على الأمة3 Empty

    آثار الافتراق على الأمة3

    Anonymous
    ابراهيم محمد
    زائر


    آثار الافتراق على الأمة3 Empty آثار الافتراق على الأمة3

    مُساهمة من طرف ابراهيم محمد الإثنين مارس 31, 2014 7:03 pm

    لسبب الثاني: ظهور البدعة في الدين:
    "الابتداع في الدين محرم بالكتاب والسنة والإجماع، لأن الابتداع تشريع يُضاهى به شرع الله عز وجل، وهو بهذا مشاقة لله ورسوله ومحادّة لهما،وكفى بالمرء إثماً أن يشاق الله ورسوله ويحادّهما، ومن هنا ذمت البدعة وندد بها وبفاعلها، وحذرت الأمة من شرّها وخطرها وسوء عاقبتها"().
    "ولو كان التشريع من مدركات الخلق لم تتنزل الشرائع ولم تبعث الرسل، وهذا الذي ابتدع في دين الله، قد سير نفسه نداً لله، حيث شرع مع الشارع، وفتح للاختلاف باباً، ورد قصد الشارع في الانفراد بالتشريع، وقد فهم السلف الصالح هذا، قال الأمام أحمد() رحمه الله: "أصول السنة عندنا التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والإقتداء بهم وترك البدع". وقال إمام دار الهجرة() رحمه الله: "من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمداً خان الرسالة لأن الله تعالى يقول: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا)()، فما لم يكن يومئذ ديناً لا يكون اليوم ديناً"().
    وعندما كانت الصورة عن البدع وخطرها واضحة جلية في أذهان الصحابة رضوان الله عليهم كانت الحرب سجالاً بينهم وبين كل من يحاول أن يتمتم ببدعة من البدع أو أن يستحسن طريقه ومنهجاً وعملاً لم يكن من فعل محمد صلى الله عليه وسلم، بل كان من نهجهم عليهم رضوان الله أن يحاربوا المبتدع ويقاتلوه أيضاً كما فعلوا مع الخوارج وغيرهم.
    وعندما نتساءل لماذا كل هذا؟ فالجواب هو: خطورة البدعة على الأمة وقوتها في تفكيك عُراها، فهي كالدودة التي تنخر في جذع النخلة أو الشجرة، فتبقيها صورة بلا معنى، لا تتحمل أي عاصفة تعصف بها، وكذلك الابتداع والبدعة في دين الله، فقد أفسدت على النصارى دينهم، وها هي عندما وجدت من يرفع لواءها أفسدت على المسلمين إسلامهم وإيمانهم، من هذا المنطلق كان موقف السلف الصالح من الابتداع والبدعة قوياً لا يماثله شيء حتى إنهم يرون رضوان الله عليهم أن الذنوب على عظمها أهون من الابتداع في الدين.. "ولهذا اتفق أئمة الإسلام على أن هذه البدع المغلّظة شر من الذنوب التي يعتقد أصحابها أنها ذنوب، وبذلك مضت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث أمر بقتال الخوارج، وأمر بالصبر على جور الأئمة وظلمهم والصلاة خلفهم مع ذنوبهم، وشهد لبعض المصرّين من أصحابه على بعض الذنوب أنه يحب الله ورسوله ونهى عن لعنه، وأخبر عن ذي الخويصرة وأصحابه مع عبادتهم وورعهم أنهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية"().
    كيف تكون البدعة سبباً في ظهور الفرق؟
    ما من منهج مخالف طريقة محمد صلى الله عليه وسلم إلا كان ضالاً عن الصراط المستقيم، وكيف لا يكون ذلك وقد تركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأمور الاعتقادية والعملية وفي كل شيء على المحجة البيضاء ليلها كنهارها. لذا؛ فالذين حاولوا أن ينتحلوا طرقاً ومفاهيم جديدة في هذا الدين سواء في الاعتقادات، وغيرها ضلوا ونتج عن ضلالهم ضلال آخر لقومٍ آخرين وقفوا ضد ما جاء به هؤلاء، "فابتدع هؤلاء قولاً فابتدع الأخرون قولاً يضاهي قول الأولين، فالبدعة تجر إلى بدعة أخرى مثلها أو أشد منها" والشواهد على وقوع التفرق والعداوة عند وقوع الابتداع كثيرة، وأول شاهد على ذلك ما وقع من الخوارج المنكرين مشروعية التحكيم، إذ عادوا أهل الإسلام حتى صاروا يقتلونهم ويتركون أهل الأوثان"().
    وعندما يبتدع مبتدع بدعة لا يتبين له خطؤها بل يرى أنه على حق وغيره على باطل فالذي يرد عليه ــ سواء برد صحيح أو باطل ــ يرى هو الآخر أنه على حق والمردود عليه على باطل، ونتيجة لهذا التفاخر وهذه الردود المتقابلة ظهرت الفرق المتعددة والمختلفة، وهكذا تكون البدعة سبباً من أسباب ظهور الفرق، وأهل البدع كما قال شيخ الإسلام في المنهاج: "يرى بعضهم أن الحق معه وأن غيره لا يملك الحق، فالخارجي يقول الشيعي ليس على شيء والشيعي يقول ليس الخارجي على شيء، والقدري النافي يقول ليس المثبت على شيء، والقدري الجبري المثبت يقول ليس النافي على شيء، و الوعيدية تقول ليست المرجئة على شيء، والمرجئة تقول ليست الوعيدية على شيء"().
    وعندما يقرأ الباحث عن تاريخ الفرق الإسلامية ونشأتها تتضح له هذه الحقيقة أكثر ــ أعني بها أثر البدعة في ظهور الفرق.
    أول بدعة ظهرت هي بدعة الخوارج، فلما ظهرت بمعتقداتها المخالفة للمنهج الصحيح، والتي غلب عليها طابع التشدد والغلو أثر هذا في بعض المعاصرين لها فسلكوا طريقاً آخر، فبدعة الخوارج جرت إلى بدعة أخرى مثلها وهي الشيعة والتشيع.
    "وإذا كان الخوارج قد سبقوا غيرهم في القول بالخروج على الإمام ونفي اشتراط أن يكون من قريش وتجاوزهم هذا المعنى إلى تكفير الإمام بالمعصية أو القعود عن أمر في كتاب الله دون أمر آخر؛ فإن عقيدتهم هذه كان لها من ردة الفعل المعاكس ما كان. وخاصة نظريات الشيعة المختلفة في عقيدتهم نحو علي وبنيه، وخاصة طائفة الغلاة منهم، وذلك أن الشيعة لم يكونوا أكثر من رد فعل مضاد لجنوح الخوارج وتطرفهم في تكفير معارضيهم وعلى رأسهم علي، فكان من اليسير أن يظهر المدافع عنه المرتبط به، وأن يسلك نفس المنهج المتطرف، فمقابل التكفير لعلي ومن انضوى تحت لوائه من جانب الخوارج ظهرت فكرة التأليه لعلي وأبنائه بواسطة الشيعة الغلاة"().
    "وبجانب هاتين الفرقتين وجدت فرقة ثالثة عرفت في التاريخ باسم المرجئة وهي الطائفة التي أرجأت أمر المختلفين إلى الله تعالى، فإنهم لما رأوا الخوارج يكفرون علياً وعثمان، وبعض الشيعة يكفرون أبا بكر وعمر وعثمان؛ ظهرت المرجئة تسالم الجميع وتقف منهم موقف الحياد فلا تكفر طائفة منهم"().
    ولم تكن البدعة ذات أثر في ظهور الفرق المتقدمة فقط فقد كان لها أثر في ظهور الفرق الأخرى كالمعتزلة والقدرية وغيرها، "فلقد ظهرت المعتزلة ببدعة المنزلة بين المنزلتين، كخط وسط بين الخوارج والمرجئة وذلك من جواب واصل للسائل الذي عرض سؤاله في مجلس الحسن البصري، وذكر موقف الخوارج والمرجئة من مرتكب الكبيرة، وطلب من الحسن بيان الاعتقاد الصحيح في ذلك فسبقه واصل وذكر أن مرتكب الكبيرة في منزلة بين المنزلتين، فردّ على البدعة ببدعة"().
    "ولم يزل أمر المعتزلة يقوى وأتباعهم تكثر ومذهبهم ينتشر في الأرض، ثم ظهر مذهب التجسيم المضاد لمذهب الاعتزال فظهر محمد بن كرام() زعيم الطائفة الكرامية وأثبت الصفات حتى انتهى فيه إلى التجسيم والتشبيه"().
    أما القدرية فقد كانت كردة فعل لشيوع عقيدة الجبر، يقول د. علي المغربي: "ولقد كان رد الفعل لشيوع عقيدة الجبر أن جاهر البعض معارضين مبدأ الجبر، وهؤلاء سمّوا قدرية، وأولهم معبد الجهني() المتوفى سنة 80 هـ".
    السبب الثالث: إتباع الهوى:
    إتباع الهوى أمر ذمّه الله تعالى في غير آية من كتابه الكريم، وبيّن أنه يؤدي بصاحبه إلى سيء القول وقبيح الفعل ويؤثر على عقيدة الإنسان المسلم وعلى أخلاقه وسلوكه.
    ولقد حذر الله أنبياءه من إتباع الهوى وذكّرهم أنه يقود إلى الضلال: (يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ..)() الآية.
    وقال لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقَيرًا فَاللّهُ أَوْلَى بهما فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللّه كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا)().
    ولخطورة هذا المنهج حذر رسول الله عليه من ربه أفضل الصلاة وأزكى التسليم منه، وخاف على أمته منه" عن أبي برزة الأسلمي() قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن مما أخشى عليكم بعدي بطونكم وفروجكم ومضلات الأهواء))().
    وتحذير الرسول صلى الله عليه وسلم من الهوى إنما جاء لبيان خطره على كل شيء، "فإن الهوى ما خالط شيئاً إلا أفسده، فإن وقع في العلم أخرجه إلى البدعة والضلالة، وصار صاحبه من جملة أهل الأهواء، وإن وقع في الزهد أخرج صاحبه إلى الرياء ومخالفة السنة.. فما قارن شيئاً إلا أفسده"().
    فهو أصل الزيغ عن الصراط المستقيم وهو من الثلاث المهلكات التي أخبر بهنّ النبي صلى الله عليه وسلم فلقد قال صلى الله عليه وسلم: ((ثلاث منجيات، خشية الله في السر والعلن، والقصد الفقر والغنى، وكلمة الحق في الغضب والرضا، وثلاث مهلكات شح مطاع، وهوى متبع، وإعجاب المرء بنفسه))().
    وعندما خالط الهوى القلوب واستقر في سويدائها ثار الثائرون على عثمان رضي الله عنه، وانتهى بهم إتباع الهوى إلى مقتله ثم قادهم مرة أخرى إلى زرع الفتن وبث الخلاف وإثارة الشقاق والافتراق في صفوف الأمة الإسلامية فظهرت أول فرقة تكفّر علياً ومعاوية وغيرهم من الصحابة الأجلاء رضي الله عنهم جميعاً، وهكذا فعل الهوى مع غير تلك الفرقة من الفرق الإسلامية هوى بها الضلال فهو كما قال الشعبي(): "إنما سمي هوى لأنه يهوي بصاحبه"().
    والممعن النظر في نشأة الفرق يجد أن الهوى سبب من أسباب ظهور الفرق واختلاف المسلمين، يقول الشاطبي: "وإذا دخل الهوى أدى إلى إتباع المتشابه حرصاً على الغلبة والظهور بإقامة العذر في الخلاف، وأدى إلى الفرقة والتقاطع، والعداوة والبغضاء لاختلاف الأهواء وعدم اتفاقها"().
    والخلاف في الحقيقة وارد على كل أمة وبين أفراد كل مجتمع لكنه يزول عند الرجوع إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم عندما يقدمان على الهوى، ويبقى ويتطور عندما يكون لكل من المختلفين هوى يقوده حيث يشاء، لذا سموا أهل البدع أهل الأهواء لأنهم يتبعون أهواءهم وهذا منهج مخالف للقرآن الكريم الذي جاء فيه: (فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ)() الآية.
    ولذا قامت معتقداتهم على الرأي والهوى، يقول شيخ الإسلام:"وأما أهل البدع فهم أهل أهواء وشبهات يتبعون أهواءهم فيما يحبونه ويبغضونه، فهم يتبعون الظن وما تهوى الأنفس، ولقد جاءهم من ربهم الهدى، فكل فريق منهم قد أصل لنفسه أصل دين وضعه إما برأيه وقياسه الذي يسميه عقليات وأما بذوقه وهواه الذي يسميه ذوقيات، وأما بما يتأوله من القرآن ويُحرف فيه الكلم عن مواضعه ويقول إنه إنما يتبع القرآن كالخوارج، وأما بما يدعيه من الحديث والسنة ويكون كذباً وضعيفاً كما يدعيه الروافض من النص والآيات، وكثير ممن يكون قد وضع دينه برأيه أو ذوقه يحتج من القرآن بما يتأوله على غير تأويله ويجعل ذلك حجة لا عمد، وعمدته في الباطن على رأيه كالجهمية والمعتزلة في الصفات والأفعال.."().
    قال الشاطبي() وهو يذكر أن المبتدع مذموم آثم لعدة وجوه ومبيناً أن الهوى سبب من أسباب ظهور البدع: "الثاني أن الشرع قد دل على أن الهوى هو المتبع الأول في البدع، لذلك تجدهم يتأولون كل دليل خالف هواهم، ويتبعون كل شبهة وافقت أغراضهم، ألا ترى إلى قول الله تعالى: (فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ..)() الآية، فأثبت لهم الزيغ أولاً وهو الميل عن الصواب وهو خلاف المحكم الواضح المعنى، وقال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا)() فنسب إليهم التفريق ولو كان التفريق من مقتضى الدليل لم ينسبه إليهم ولا أتى به في معرض الذم وليس ذلك إلا بإتباع الهوى، وقال تعالى: (وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ)()، فهذا دليل على مجيء البيان الشافي وأن التفرق إنما حصل من جهة المتفرقين لا من جهة الدليل، فهو إذاً من تلقاء أنفسهم، وهو إتباع الهوى بعينه، والأدلة على هذا كثيرة تشير أو تصرح بأن كل مبتدع إنما يتبع هواه"().
    وقال ابن القيم() رحمه الله مبيناً أن إتباع الهوى كان وراء نشأة أصول المبتدعة: "ومن وقف على أصول هؤلاء المعارضين ــ أهل البدع ــ ومصدرها تبين له أنها نشأت من أصلين: من كبر عن إتباع الهوى، وهوى معمي للبصيرة وصادمته شبهات كالليل المظلم، فكيف لا يعارض من هذا وصفه خير الأنبياء بعقله وعقل من يحسن الظن به؟".
    فاتباع الهوى سبب من أسباب هدم الدين، وتفريق كلمة المسلمين لا ينتج عنه إلا الفرقة والضياع والتفكك والابتداع، ولهذا حذر منه سلف هذه الأمة وأئمتها رضي الله عنهم جميعاً.
    السبب الرابع: حب الشهرة والتسلط:
    حب الشهرة والتسلط أو حب الرئاسة والبغي منهج سار عليه المعاندون والمكابرون قديماً وحديثاً، فصاحبه يصاب بضلال يحجب عينيه عن رؤية الحق فتنقلب الموازين في منظاره فيصبح الباطل عنده حقاً والبدعة عنده حسنة، لذا فما يبتدعه من بدعة فهي حق في نظره، فيؤسس لها الأسس ويرسم لها الخطوط الدقيقة والعريضة ويعتنقها ويدعو إليها، وأتباعه من بعده، وفي كل زمان ومكان ينصرونها ويدعون إليها.
    ولقد مثل هذا المنهج قديماً النمرود() في عهد إبراهيم الخليل عليه السلام الذي رأى الباطل حقاً والحق باطلاً بسبب حبه لمنصبه وخوفه على شهرته، حتى قال ما حكاه الله تعالى عنه في القرآن الكريم: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رِبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِـي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)(2) فملكه الذي آتاه إياه رب العالمين وحبه لهذا الملك وحبه المحافظة على شهرته التي اشتهر بها في قومه ومملكته في التي جعلته يزعم هذا الزعم ويسلك هذا المسلك وجاء من بعد ذلك من سلك هذا المنهج وسار عليه إنه فرعون مصر الذي جعله حبه لشهرته وخوفه على سلطانه في قومه يقول لموسى عليه السلام ما حكاه الله تعالى عنه في كتابه الكريمSadوَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الأَرْضِ الْفَسَادَ)(3)، وقال أيضاً في نفس السورة: (وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَّعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لأَظُنُّهُ كَاذِبًا..)(4) الآية.
    حبه للشهرة والرياسة والتسلط والبغي جعله يقول ما جاء في القرآن الكريم وحكاه الله تعالى عنه: (وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكَادُ يُبِينُ فَلَوْلا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِّن ذَهَبٍ أَوْ جَاء مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ)().
    وكذلك فعل مشركو العرب مع خاتم الأنبياء صلى الله عليه وسلم فحبهم لمكانتهم، وأعني زعماءهم، وحبهم لشهرتهم جعلهم يحاربون محمداً صلى الله عليه وسلم، وهذا ديدن أصحاب الضلال في كل زمان وفي كل حال، وإذا كان حب الشهرة والرئاسة يؤدي إلى ما تقدم فهو يؤدي إلى الفرقة والاختلاف من باب أولى، فالرياسة وحب الشهرة سبب من أسباب الاختلاف والتفرق خصوصاً في المناهج السياسية، فإن كثيراً ممن يرغبون في السلطان ينتهون إلى آراء تتعلق بالحكم، هي منبثقة من رغباتهم الخاصة، ويندفعون في تأييدها حتى يخيل إليهم أنهم مخلصون فيما يدعون إليه وأن ما يقولونه هو محض الحق والصواب.
    "وقد يكون لحاكم أنصار يدعون إليه فيندفعون في نصرته اندفاعاً، ويعلنون أراءه في هذا الاندفاع، قد يخدعون أنفسهم بأن ما يدعون إليه هو الحق، وهذا الصنف هو من أخطر الناس على الناس"().
    وتأكيداً لدور هذا الجانب في الفرقة والاختلاف فإن نظرة عابرة للفرق الإسلامية تعطي الدلالة كاملة على هذا الموضوع ولهذا قسّم شيخ الإسلام() رحمه الله الخارجين على الأمة إلى ثلاثة أقسام فقال: "القسم الثالث الخارجون على الأمة أما من العُداة الذين غرضهم الأموال كقطاع الطرق ونحوهم أو غرضهم الرئاسة كمن يقتل أهل المصر الذين هم تحت حكم غيره مطلقاً وإن لم يكونوا مقاتلة".
    وهذا الموضوع ــ حب الشهرة والتسلط ــ أدى إلى الانقسام والفرقة حتى في الفرقة الإسلامية الواحدة، فتجدها تنقسم إلى عشرين فرقة ولتأكيد أن حب الشهرة هو السبب في هذا الانقسام تجد أن الفرقة غالباً تنسب على مبتدعها؛ لأنه ابتدع قولاً أو عملاً واشتهر به فنسبت هذه الفرقة إليه وذلك مثل الأزارقة() من الخوارج أتباع نافع بن الأزرق.
    ومثل العمروية() من المعتزلة أتباع عمرو بن عبيد ومثل النجدات() من الخوارج أتباع نجدة بن عويمر، ومثل الهشامية() من الشيعة أتباع هشام بن الحكم ومثل الواصلية() من المعتزلة أتباع واصل بن عطاء، مثل السبئية() من الغلاة الشيعة أتباع عبدالله بن سبأ، وهكذا دواليك.
    يقول الشاطبي() رحمه الله مبيناً أن المبتدع لأجل أن ينال الشهرة فإنه يزيد في بدعته ويجتهد فيها: "المبتدع يزيد في الاجتهاد لينال في الدنيا التعظيم والمال والجاه، وغير ذلك من أصناف الشهوات، بل التعظيم على شهوات الدنيا، ألا ترى إلى انقطاع الرهبان في الصوامع والديارات عن جميع الملذوذات! ومقاساتهم في أصناف العبادات، والكف عن الشهوات، وهم مع ذلك خالدون في جهنم، قال تعالى في كتابه الكريم: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً)()، وقال تعالى: (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا)()، وما ذاك إلا لخفة يجدونها في ذلك الالتزام، ونشاط بداخلهم يستسهلون به الصعب بسبب ما داخل النفس من الهوى، فإذا بدا للمبتدع ما هو عليه رآه محبوباً عنده لاستبعاده للشهوات، وعمله من جملتها، ورآه موافقاً للدليل عنده، فما الذي يصده عن الاستمساك به والازدياد منه، وهو يرى أن أعماله أفضل من أعمال غيره، واعتقاداته أوفق وأعلى، أفيفيد البرهان مطلباً؟ (كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء)()". أ.هـ.
     مما تقدم يتضح أن البغي واتباع وإيثار الدنيا عامل رئيس من عوامل تكون الفرق "فالذيـن في قلوبهم مرض وزيـغ إلى الهوى إيثارهم للدنيا دفعهم إلى تتبع المتشابه من آيات القرآن الكريم، فأدى هذا إلى الاختلاف فيه، ومن ثم أدى هذا إلى إثارة الشبهات، ومن ثم تكونت الفرق، وغالباً ما يكون زعماء الفرق ورؤوسهم من أهل الزيغ، وهذا لا يمنع وجود بعض الأتباع من المخدوعين المفتونين الذين ضللهم أهل الزيغ"().
    السبب الخامس: الاتجاهات السياسية:
    الاتجاهات السياسية يعنى بها عند بعض أصحاب المقالات والفرق ــ الأحزاب السياسية المتعارضة ــ التي نتج عنها فيما بعد اعتقادات تكونت منها الفرق المخالفة لمذهب أهل السنة والجماعة.
    ويعنى بها عند البعض الآخر الخلافة أو الإمامة، أو الخلاف الذي نشب حول مسألة الإمامة.
    وإذا كانت الأسباب السابقة أدت إلى ظهور الفرق، فالعوامل السياسية سبب من أسباب ظهور الفرق.
    "فالشيعة بفرقها المختلفة إنما نشأت وتطورت نتيجة لأصل سياسي، والخوارج بطوائفها المتعددة إنما نشأت بعامل سياسي، والمعتزلة في نشأتها سياسية وهي في تطورها كذلك، بل إنها في عهد أبي الهذيل العلاف انقلبت فرقة سياسية سرية، ثم تم لها الانتصار حين استولت على السلطة لمدة طويلة، ويفسر الإرجاء نفس التفسير"().
    يقول الأستاذ محمد أبو زهرة:"ومن الأسباب الجوهرية التي أدت إلى ظهور الفرق، الخلاف السياسي الذي انبعث في صدر الدولة الإسلامية حول الخلافة، ولكنه حسم في وقته ولم يظهر له أي أثر، ثم اشتدت الخلافات بعد ذلك حول الخلافة، من يكون أحق بها ؟ أيكون من قريش جمعاء أم يكون من أولاد علي خاصة؟ أم يكون من المسلمين جميعاً؟ لا فرق بين نبيل وقبيل، وبيت وبيت، فالجميع أمام الله سواء والله يقول: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)()، وهكذا انقسم المسلمون إلى خوارج وشيعة وجماعات أخرى"().
    "فالخلاف بدأ حول الإمامة لكنه تطور عبر الزمن وتمخض عن هذا الصراع السياسي ظهور الفرق، وقد انتشرت آراء هذه الفرق في ربوع العالم الإسلامي وتزال قائمة بين ظهرانينا... لقد كانت مشكلة الإمامة وهي مشكلة سياسية في أصلها هي السبب في ظهور الخوارج والشيعة، وبهذا يتبين أن نشأة الفرق الأولى في الإسلام إنما كان بسبب سياسي أولاً ولم تلبث هذه الفرق أن كفرت بعضها بعضاً نتيجة لتفسير كل منها لمدلول الإيمان فكفرت الخوارج مرتكب الكبيرة، بل أباح بعضهم دمه وأرجأت المرجئة الحكم عليه إلى يوم القيامة، وأما المعتزلة فقالوا: إنه في منزلة بين المنزلتين"().
    يقول الأستاذ أحمد جلبي() مبيناً أن الأحزاب التي اختلفت فيما بينها في مسألة الإمامة تحولت إلى مذاهب فكرية: "ولكن لم يقف أمر الافتراق عند هذه الفرق التي رأت رأياً معيناً في الإمامة بل سرعان ما تحولت تلك الأحزاب إلى مذاهب ذلك بأن النزاع السياسي حول الخلافة، ومن هو أولى بأن يكون خليفة المسلمين وأيهما كان على حق في موقفه علي أو معاوية رضي الله عنهما أو غيرها تحول إلى خلاف فكري حول الحكم على هؤلاء والحكم على أتباعهم، وقد أثار هذه المشكلة بهذه الصورة جماعة الخوارج الذين كفروا كثيراً من المسلمين، وأخرجوهم عن دائرة الجماعة المسلمة (أي جماعتهم كما كانوا يعتقدون)، ومن هنا بدأت محاولات فكرية لتحديد معنى الإيمان وأركانه أو الشروط التي ينبغي توفرها حيث يعد الشخص مؤمناً، والفرق بين الإسلام والإيمان، وحكم مرتكب الكبيرة هل هو مؤمن عاص أو كافر خارج عن الملة كم زعمت الخوارج وظهرت في إطار هذه الأبحاث جماعة المرجئة الذين اتخذوا رأي في الطرف المقابل لآراء الخوارج ثم ظهرت مذاهب عقائدية كلامية متعددة..".
    من كل ما تقدم أتضح أن الإمامة والتي هي محور الخلاف بين الاتجاهات السياسية أو الأحزاب السياسية كانت سبباً في ظهور الفرق، ولقد أجاد الشهرستاني() عندما قال: "أعظم خلاف بين الأمة خلاف الإمامة إذ ما سلّ سيف في الإسلام على قاعدة دينية مثل ما سلّ على الإمامة في كل زمان ومكان".
    السبب السادس: العصبية للقوم والجنس ونحوها:
    كانت تقطن جزيرة العرب قبل البعثة النبوية الشريفة وبعدها قبائل متعددة تفتخر تفتخر كل قبيلة بما لها من صفات، وتعبر عن ذلك بوسائلها الإعلامية المختلفة آنذاك والتي كان منها الشعر والأدب بوجه عام.
    وأحياناً لا يقتصر الأمر على الافتخار بمآثر الآباء والأجداد بل يتعدى إلى النيل من الآخرين وانتقاصهم.
    ولما جاء الإسلام هذب النفوس وعالج ما فيها من أمراض فتهذبت وتربت على تعاليم هذا الدين الحنيف الذي كان من مبادئه:
    (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)().
    وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ــ وهو يدرك أثر العصبية في النفوس ــ كان يوجه صحابته الأجلاء للتخلي عن هذا المنهج البغيض بالتصريح تارة وبالتلميح أخرى فصاغوا وقبلوا واستجابوا لتوجيهات الرسول صلى الله عليه وسلم وإرشاداته الحكيمة ومع ذلك كانت هناك بقية باقية من العصبية في نفوس بعض الذين لم يخالط الإيمان بشاشة قلوبهم ويتمكن منها فتأتمر بأمره وتنتهي عند نهيه.
    لذا "لا يستطيع باحث في تاريخ صدر الإسلام أن يتجاهل عاملاً خطيراً كان وراء كثير مما جرى في تلك الحقبة الحاسمة من تاريخ المسلمين ذلك هو الصراع القبلي الذي لعب دوراً بارزاً في حياة الناس وأثر في مجاري الأمور وفي تحديد المواقف في كثير من القضايا السياسية المصيرية عصرئذ فالعرب قبل الإسلام كانت تسودهم حياة العصبية حتى قال أحدهم معظماً هذا الأمر:
    فاحفظ عشيرتك الأدنين إن لهم***حقاً يفرق بين الزوج والموتِ
    كما قال الآخر:
    وهل أنا إلا من غزية إن غوت** غويتُ وإن تَرْشُد غزية أرشدُ
    وكان من صور العصبية ومظاهرها أن لا يمكن تخضع قبيلة لأخرى ونشبت حروب كثيرة بهذا السبب مثل حرب البسوس بين بكر وتغلب وحرب داحس والغبراء بين عبس وذبيان"().
    هذا عرض موجز للصراع القبلي والتعصب الجاهلي الذي كان سائداً آنذاك.
    أما عن أثر التعصب في ظهور بعض الفرق الإسلامية:
    فلقد دخل في هذا الدين أمم وشعوب كثيرة مختلفة القبائل والأجناس والطباع والألوان، وبديهي أن لا يكونوا على درجة واحدة من التقى والصلاح، فمنهم من استقر الإيمان في سويداء قلبه وخالط بشاشتها ومنهم من تغلب هواه على إيمانه الضعيف ومنهم من كان متأثراً بتراث الآباء والأجداد فيتعصب لكل صغيرة وكبيرة فيه.
    وإذا كانت العصبية ذات أثر في الحروب بين القبائل العربية فهي "ذات أثر كبير في كثير مما وقع من أحداث في تاريخ صدر الإسلام، فقد كان لها أثر مماثل في التمهيد لنشأة الخوارج وفي استمرار وجودهم لسنوات طويلة بعد ظهورهم، ولعل أول موقف خطير ظاهر تمثلت فيه العصبية الجاهلية وأسهم في تعزيز أمر الخوارج فيما بعد كان موقف الأشعث بن قيس() من اختيار ممثل علي في الحكومة حين اعترض على ترشيح عبدالله بن عباس قائلاً والله لا يحكم فيها مضريان حتى تقوم الساعة، ولما لفت علي نظره وحذره من تكليف أبي موسى الأشعري() قدم عصبيته اليمنية على الراية التي يحارب تحت ضلالها وقال: والله لئن يحكما ببعض ما نكره وأحدهما من أهل اليمن أحب إلينا من أن يكون بعض ما نحب وحكمهما وهما مضريان"().
    وظهر كذلك التعصب واضحاً في مسألة الإمامة أو الخلافة فهؤلاء يرون أن تكون في آل البيت لا تخرج عنهم وآخرون يرون أنها تكون في قريش وآخرون يرون أنها تحصل لكل إنسان حتى وإن كان غير عربي من الموالي وهذا رأي الخوارج الأمر الذي جعل كثيراً من الموالي ينضمون إلى الخوارج إعجاباً بمذهبهم السياسي الذي يسوي بين المسلمين من عرب وعجم في الترشيح للخلافة، ومناصب الحكم والمكانة الاجتماعية، وإذا كان التعصب القبلي أثر في ظهور الخوارج والشيعة فإن التعصب للجنس البشري ذو أثر هو الآخر في ظهور الفرق.
    فمنذ طلائع الفتح الإسلامي إلى أن استقر الملك في بني أمية أسلم كثير من الفرس وغيرهم، وكانت قد نبتت من أبنائهم نابتة أجادت اللغة العربية وكان هؤلاء العجم أم المنحدرون من أصول أعجمية يعيشون مع العرب ويخالطونهم ويرتبطون بهم برابطة الولاء، وللولاء مظاهر شتى، فقد يكون نتيجة للعتق إذ ينسب العتيق إلى سيده الذي أعتقه أو إلى قبيلة من أعتقه، وقد يكون غير ذلك ولهذا سمي الأعاجم موالي لأن بلادهم فتحت عَنْوَة بأيدي العرب، وكان للعرب استرقاقهم، فإذا تركوهم أحراراً فكأنهم اعتقوهم وقد أنبتت المواقف والأحداث التاريخية التي ساقها لنا المؤرخون أن بعض هؤلاء الموالي كانوا ينظرون إلى العرب المسلمين نظرة حقد وبغض كان مصدره تقويض عرشهم على أيدي هؤلاء المسلمين بالإضافة إلى أنهم يبادلون بعض العرب نفس الشعور الذي يقابلون به من قبل بعض العرب المسلمين الذين كانت لديهم عصبية للجنس العربي آنذاك().
    ونتج عن التعصب للجنس ضد جنس آخر عواقب وخيمة وآثار كبيرة منها ظهور بعض الفرق الإسلامية وغيرها على أيدي هؤلاء الموالي، وذلك مثل الجعد بن درهم() مولى سويد بن غفله() أصله من خراسان هو الذي أظهر القول بخلق القرآن وهو الذي أنكر أن يكون الله اتخذ إبراهيم خليلاً، وهو أول من تكلم في صفات الله عز وجل كما ذكر ذلك ابن كثير في البداية()، وهو أول من حفظ عنه أنه قال: إن الله ليس على العرش حقيقة وأن معنى استوى استولى، كما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى() وهو أول من تفوه بكلمة خبيثة في الاعتقاد كما حكى ذلك السفاريني في لوامع الأنوار البهية() نقلاً عن السيوطي في الأوائل، فهو مؤسس فرقة الجهمية وإن كانت الجهمية تنسب إلى تلميذه الجهم بن صفوان.
    فمن الموالي إذاً ظهر من فرّق كلمة المسلمين في أصول هذا الدين، وقاتل عمر ابن الخطاب الخليفة الثاني هو غلام مجوسي للمغيرة بن شعبة يدعى أبو لؤلؤة المجوسي، وكان حانقاً على عمر بسبب الجزية التي فرضت عليه وعلى من في حكمه من الموالي، وعلى كل حال فثمرة التعصب ــ سواء للقيم أو للجنس ــ الاختلاف والفرقة والتباغض، فهو ظاهرة مذمومة تؤدي إلى التفرق والتعادي، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: (ليس فينا من دعى إلى عصبية وليس منا من قاتل على عصبية وليس منا من مات على عصبية)()، وهو من خصال أهل الكتاب التي تكون في هذه الأمة، قال تعالى: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ بِمَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ نُؤْمِنُ بِمَآ أُنزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرونَ بِمَا وَرَاءهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَهُمْ)().
    فوصف اليهود بأنهم كانوا يعرفون الحق قبل ظهور النبي صلى الله عليه وسلم، فلما جاءهم من غير طائفة يهوونها لم ينقادوا له، وهذا يبتلى به كثير من المنتسبين إلى طائفة في العلم أو الدين من المتفقهة أو المتصوفة أو غيرهم أو إلى رئيس معظم عندهم في الدين غير النبي صلى الله عليه وسلم فإنهم لا يقبلون من الدين لا فقهاً ولا رواية إلا ما جاءت به طائفتهم، ثم إنهم لا يعلمون ما توجبه طائفتهم مع أن دين الإسلام يوجب إتباع الحق مطلقاً رواية ورأياً من غير تعيين شخصٍ أو طائفةٍ غير الرسول صلى الله عليه وسلم().
    السبب السابع: التأويل لبعض الأدلة:
    وهذا سبب آخر من أسباب ظهور الفرق بل هو أساس كل ضلالة ومنشأ كل بدعة فما دخل على دين إلا أفسده وما سلكه أتباع ملّة إلا ضلوا وأضلوا وابتعدوا عن الصراط المستقيم، فسلوكه خروج من الاجتماع إلى الفرقة، من الهدى إلى الضلالة والبدعة.
    ومما لا شك فيه أن تأويل الآيات والأحاديث والخروج بها عن معناها الذي أراده الله سبحانه وتعالى منها إلى معنى مجازي سبب عظيم لظهور الفرق ووجودها.
    ومن قبل التأويلات والظن بأنها يجب أن يصرح بها في الشرع نشأت فرق الإسلام حتى كفر بعضهم بعضاً وبخاصة الفاسدة منها.
    "فأوّلت المعتزلة آيات كثيرة وأحاديث كثيرة، وصرحوا بتأويلهم للجمهور وكذلك فعلت الأشعرية، وإن كانوا أقل تأويلاً، فأوقعوا الناس من قبل ذلك في شنآن وتباغض، وحروب، ومزقوا الشرع وفرقوا الناس كل التفريق وزائداً إلى هذا كله أن طرقهم التي سلكوها في إثبات تأويلاتهم ليسوا فيها من الجمهور ولا مع الخواص لكونها إذا تؤملت وجدت ناقصة عن شرائط البرهان، والصدر الأول إنما صار إلى الفضيلة الكاملة والتقوى دون اللجوء إلى التأويل، أما من أتى بعدهم فإنهم لما استعملوا التأويل قل تقواهم وكثر اختلافهم وارتفعت محبتهم وتفرقوا فرقاً"().
    "وإذا تأمل المتأمل فساد العالم وما وقع فيه من التفرق والاختلاف وما دفع إليه أهل الإسلام وجده ناشئاً من جهة التأويلات المختلفة المستعملة في آيات القرآن وأخبار الرسول صلوات الله وسلامه عليه التي تعلق بها المختلفون على اختلاف أصنافهم في أصول الدين وفروعه، فإنها أوجبت ما أوجبت من التباين والتحارب وتفرق الكلمة وتشتت الأهواء وتصدع الشعل وانقطاع الحبل وفساد ذات البين حتى صار يكفر ويلعن بعضهم بعضاً، وترى الطوائف منهم تسفك دماء الآخرين وتستحل منهم أنفسهم وحرمهم وأموالهم ما هو أعظم مما يرصدهم به أهل دار الحرب من المنابذين لهم، فالآفات التي جنتها ويجتنيها كل وقت أصحابها على العلة والأمة من التأويلات الفاسدة أكثر من تحصى أو يبلغها وصف واصف أو يحيط بها ذكر ذاكر ولكنها في جملة القول أصل كل فساد، وفتنة، وأساس كل ضلالة وبدعة، والمولدة لكل اختلاف وفرقة، والناتجة أسباب كل تباين وعداوة وبغضة"().
    "فالتأويل هو الذي فرّق اليهود إحدى وسبعين فرقة، والنصارى اثنين وسبعين
    فرقة، وهذه الأمة ثلاث وسبعين فرقة، فأما اليهود فإنهم بسبب التأويلات التي استخرجوها بآرائهم من كتبهم صاروا فرقاً مختلفة بعد اتفاقهم على أصل الدين وبسبب التأويلات الباطلة مسخوا قردة وخنازير وجرى عليهم من الفتن والمحن ما قصه الله، وبالتأويل الباطل عبدوا العجل حتى آل أمرهم إلى ما آل إليه وبالتأويل الباطل فارقوا حكم التوراة واستحلوا المحارم وارتكبوا المآثم فهم أئمة التأويل والتحريف والتبديل والناس لهم فيه تبع".
    وأما فساد دين النصارى من جهة التأويل فأول ذلك ما عرض في التوحيد الذي هو عمود الدين فإن سلف المثلثة قالوا في الربوبية في التثليث، وحديث الأقانيم، والأب والابن وروح القدس ثم اختلف من بعدهم في تأويل كلامهم اختلافاً تباينوا به غاية التباين، وإنما عرض لهم هذا الاختلاف من جهة التأويلات الباطلة.. ولم يزل أمرهم بعد المسيح على منهاج الاستقامة حتى ظهر فيهم المتأولون فأخذت عرى دينهم تنتقص، والمتأولون يجتمعون مجمعاً بعد مجمع وفي كل مجمع يخرج لهم تأويلات تناقض الدين الصحيح.
    ومن جنايات التأويل ما وقع في الإسلام بعد موت الرسول صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا، فجرى بسبب التأويل على الإسلام وأهله ما جرى، ثم جرت الفتنة التي جرّت إلى قتل عثمان بالتأويل، ولم يزل التأويل يأخذ مأخذه حتى قتل به عثمان فأخذ في الزيادة والتولد حتى قتل به بين علي وبين معاوية بصفين سبعين ألفاً أو أكثر من المسلمين، وقتل أهل الحرة بالتأويل، وقتل يوم الجمل بالتأويل من قتل.. ثم كانت فتنة الخوارج وما لقى المسلمون من حروبهم وأذاهم بالتأويل.. إلخ كلامه"().
    وبهذا يتبين أن ظهور الفرق كان من ضمن أسبابه ومن أهمها التأويل لنصوص الكتاب الكريم ولنصوص السنة الشريفة، فالشيعة على سبيل المثال تأوّلت كثيراً من نصوص القرآن الكريم في حب آل البيت في تعيين علي رضي الله عنه خليفة للمسلمين، وإذا كان هذا هو ديدنها في نصوص القرآن الكريم فهو منهجاً أيضاً مع نصوص السنة النبوية الشريفة،ولم يقف الأمر عند الحب لآل البيت وأحقيتهم في الخلافة، بل أولوا النصوص الكثيرة سواء في القرآن أو السنة للطعن في خيار الصحابة رضوان الله عليهم وأمهات المؤمنين رضي الله عنهن، فكم من آية لووا ألسنتهم بها كي تأتي موافقة لما يحبون ويشتهون في أبي بكر وعمر وعثمان ومعاوية وعائشة وغيرهم، فأسسوا فرقتهم على التأويل الفاسد.
    والخوارج ليسوا أقل شأناً من الرافضة في عبور هذا المضيق المظلم فأسسوا فرقتهم على أسس قامت على التأويل فما كفّروا مرتكب الكبيرة إلا بالتأويل وما كفّروا علياً ومعاوية والحكمين ومن رضي بالتحكيم إلا بالتأويل.
    والمرجئة والقدرية والمعتزلة وغيرهم نهجوا هذا المنهج الفاسد الوخيم وتركوا المنهج الصحيح المستقيم.
    فعلى كل حال "لقد أسهمت قضية التأويل بنصيب وافر في توسيع دائرة الاختلاف بين الفرق الإسلامية وصارت به إلى أبعد نتائجه خطورة، ولم يكن وراء ذلك من دافع سوى الانتصار للمذهب والتعصب للرأي ودفع الخصم عن الاحتجاج بالآية بدعوى أنها مصروفة عن ظاهرها ومؤولة"().
    يقول ابن القيم رحمه الله():

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة أبريل 26, 2024 5:13 pm